باختصار
"المفكرون"!
كان الصحافي محمد حسنين هيكل يصر على تسميته بالكاتب الصحافي فقط، فإذا بنا اليوم نطلق على من هم اقل منه معرفة ومعلومات وثقافة بالمفكرين. ولدت الأزمات العربية طائفة من الذين اقام بعضهم داخل الشاشات الصغيرة ولم يبارحها. صاروا جزءا من ديكورها .. بل اعجبني أحدهم يقوم بتوقيع "المفكر العربي فلان" عند كتابته مقال ما. ولا نكتشف بالصدفة تلك التسميات، مع ان بعضا من رواد الشاشة يتحدثون منهجيا، لكنهم لا يجيدون الكتابة والعكس هو الصحيح.
لا يوجد من هم أكبر من التسميات مهما استولدتهم الأزمات وجعلت منهم منبريين. لا يوجد مفكر عربي في هذا الفضاء المتسع لكل اشكال الكلام. هنالك أزمات كبرى، يقابلها مجموعة من المفسرين لها. ثم انا مصدوم بحال هؤلاء المفسرين أو المترجمين في اغلب الأحيان، لكونهم يجزمون في كلامهم إلى حصول ما يقولونه أو ينظرونه.
تقول الساحات العربية، مع اني لا احب استعمال كلمة الساحات، ان عناصر ازماتها واضحة للعيان ولا تحتاج للكثير من التفلسف .. وان قواها التصادمية في غاية الوضوح أيضا، وهنالك اللاعبون الذين يقفون وراء تلك الساحات ويقدمون لها النار والبارود والافكار واللوجستيات والسلاح والمؤن وكل ما تحتاجه كي تستمر طويلا. هنالك من ينفذ على الأرض، قتالا، وتفخيخا، في مواجهة قوة نظامية تلاحقه في كل ركن وزاوية وموقع ومساحة ... الوضوح أوضح ما هو عليه إذا قرأنا بعناية طبيعة الأزمات وخلفياتها، التصورات المكثفة التي نعرفها عن طبيعة المنطقة وما يراد منها، بل ما خطط لها في السابق وما هو كامن في سجلات المخططين.
اعترف ان العامة بحاجة لمفسرين ومترجمين لما يحصل .. الضرورة تستدعي وجودهم، لكننا لسنا ملزمين بتصديق كل كلمة، أو اعتبار كلامهم ما سوف يكون. أعتقد أن الصراع في مكان آخر احيانا، والمفسرون في مكان .. إذا اردت المعرفة الدقيقة فعلي انتظار هيكل الذي تجاوز التسعين، حاملا معه خبرة المعرفة كلها، والأهم القدرة على استنباط النتائج من قلب المشهد مهما كان قاتما وصعب التفسير.
تجاوزنا السنتين من الأزمات التي لا يبدو ان لها قرارا نهائيًّا، بل هي حبلى بالمزيد من المستجدات التي لن نعجز عن فهمها إذا اعتبرنا ان جوهر الصراع في المنطقة واضح منذ البداية ومنقاد في الطريق التي نعرف مساراتها وأين ستصل. وكلما أوغلنا في المعركة، وهي معركة حقيقية بين اعداء الداخل والخارج، أو بين المصريين على أخذ المنطقة في اتجاهات معاكسة لمسارها الطبيعي والممسكين بها قبل الانهيار في هذا المستنقع أو ذاك، أو أولئك الذين يصدمون الإسلام في أعز وجوهه وقيمه وحضارته، فنحن عراة تحت الشمس، تشاهدنا الدنيا وقد لا نشاهد انفسنا كما هم يشاهدون.
تحول بعض رواد الشاشات إلى نجوم .. لكن نجم هيكل الساطع يظل الجاذب المنتظر، حيث سيادته للكلام الذي لا يشبهه كلام، وإلى فكر مع انه يتواضع إلى درجة رفض مصطلحه.
زهير ماجد
"المفكرون"!
كان الصحافي محمد حسنين هيكل يصر على تسميته بالكاتب الصحافي فقط، فإذا بنا اليوم نطلق على من هم اقل منه معرفة ومعلومات وثقافة بالمفكرين. ولدت الأزمات العربية طائفة من الذين اقام بعضهم داخل الشاشات الصغيرة ولم يبارحها. صاروا جزءا من ديكورها .. بل اعجبني أحدهم يقوم بتوقيع "المفكر العربي فلان" عند كتابته مقال ما. ولا نكتشف بالصدفة تلك التسميات، مع ان بعضا من رواد الشاشة يتحدثون منهجيا، لكنهم لا يجيدون الكتابة والعكس هو الصحيح.
لا يوجد من هم أكبر من التسميات مهما استولدتهم الأزمات وجعلت منهم منبريين. لا يوجد مفكر عربي في هذا الفضاء المتسع لكل اشكال الكلام. هنالك أزمات كبرى، يقابلها مجموعة من المفسرين لها. ثم انا مصدوم بحال هؤلاء المفسرين أو المترجمين في اغلب الأحيان، لكونهم يجزمون في كلامهم إلى حصول ما يقولونه أو ينظرونه.
تقول الساحات العربية، مع اني لا احب استعمال كلمة الساحات، ان عناصر ازماتها واضحة للعيان ولا تحتاج للكثير من التفلسف .. وان قواها التصادمية في غاية الوضوح أيضا، وهنالك اللاعبون الذين يقفون وراء تلك الساحات ويقدمون لها النار والبارود والافكار واللوجستيات والسلاح والمؤن وكل ما تحتاجه كي تستمر طويلا. هنالك من ينفذ على الأرض، قتالا، وتفخيخا، في مواجهة قوة نظامية تلاحقه في كل ركن وزاوية وموقع ومساحة ... الوضوح أوضح ما هو عليه إذا قرأنا بعناية طبيعة الأزمات وخلفياتها، التصورات المكثفة التي نعرفها عن طبيعة المنطقة وما يراد منها، بل ما خطط لها في السابق وما هو كامن في سجلات المخططين.
اعترف ان العامة بحاجة لمفسرين ومترجمين لما يحصل .. الضرورة تستدعي وجودهم، لكننا لسنا ملزمين بتصديق كل كلمة، أو اعتبار كلامهم ما سوف يكون. أعتقد أن الصراع في مكان آخر احيانا، والمفسرون في مكان .. إذا اردت المعرفة الدقيقة فعلي انتظار هيكل الذي تجاوز التسعين، حاملا معه خبرة المعرفة كلها، والأهم القدرة على استنباط النتائج من قلب المشهد مهما كان قاتما وصعب التفسير.
تجاوزنا السنتين من الأزمات التي لا يبدو ان لها قرارا نهائيًّا، بل هي حبلى بالمزيد من المستجدات التي لن نعجز عن فهمها إذا اعتبرنا ان جوهر الصراع في المنطقة واضح منذ البداية ومنقاد في الطريق التي نعرف مساراتها وأين ستصل. وكلما أوغلنا في المعركة، وهي معركة حقيقية بين اعداء الداخل والخارج، أو بين المصريين على أخذ المنطقة في اتجاهات معاكسة لمسارها الطبيعي والممسكين بها قبل الانهيار في هذا المستنقع أو ذاك، أو أولئك الذين يصدمون الإسلام في أعز وجوهه وقيمه وحضارته، فنحن عراة تحت الشمس، تشاهدنا الدنيا وقد لا نشاهد انفسنا كما هم يشاهدون.
تحول بعض رواد الشاشات إلى نجوم .. لكن نجم هيكل الساطع يظل الجاذب المنتظر، حيث سيادته للكلام الذي لا يشبهه كلام، وإلى فكر مع انه يتواضع إلى درجة رفض مصطلحه.
زهير ماجد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق